نظمت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ندوة علمية حول موضوع ( الأزمة المالية المعاصرة وتداعياتها) تحدث فيها الدكتور علي محي الدين القره داغي الأستاذ بقسم الفقه والأصول والدكتور منذر قحف أستاذ الاقتصاد الإسلامي بكلية الدراسات الإسلامية بمؤسسة قطر و الأستاذ مصدق الملك مدير عام الوطني الإسلامي .
وفي مداخلته في هذه الندوة تحدث الدكتور القره داغي عن ما اسماه بالإعصار والانهيار الحالي للاقتصاد الرأس مالي من حيث أسبابه وآثاره كما تناول مستقبل الرأسمالية بعد هذا الانهيار وقدم جملة من العلاجات من منظور الاقتصاد الإسلامي وقدم الدكتور القره داغي في بداية بحثه آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحذر من خطر الربا وآفته الماحقة والمؤذنة بحرب من الله ورسوله .
وبعد ذلك تحدث عن أسس النظام الرأس مالي وخصائصه ومنها الملكية الفردية التي تعتبر من أهم معالم هذا النظام ومفادها أن المجتمع يقر حقوق الملكية لمختلف أفراده ويحميها لأنها تحقق لهم الرفاهية كما أنها تعتبر السبب الباعث على النشاط الاقتصادي .
كما تناول المحاضر جوانب من وظائف هذه الملكية الفردية كالقرارات الآمرة بالإنتاج ودفع الإنسان نحو الادخار وتراكم الثروة وزيادتها ، وحرية الفرد في التملك والإنتاج وتوجيه هذا الإنتاج نحو تحقيق أهدافه .
وتحدث عن تحطيم هذه الفلسفة على أرض الواقع من خلال استغلال الأغنياء للطبقة العاملة الضعيفة وهو ما أدى إلى ظهور الثورات كالثورة السوفيتية وقيام اتحادات العمال في الدول الغربية .
وقال إن سبب بقائها هو استغلالها لخيرات شعوب الأرض التي استعمرتها وعدم وجود نظام عالمي قوي قادر على منافستها كما أن الفكر الديمقراطي يساعد على مناقشة الأخطاء وتقييم الخطط .
وفيما يتعلق بأخطاء هذا النظام التي سببت الأزمة فمنها خرافة أن الحرية تحمي الضعفاء أيضا وهو أمر لم يقم عليه دليل لأن المنافسة كثيرا ما تكون في صالح الأغنياء والملاك أما المستهلك فهو تحت رحمة صناع السوق والإنتاج من خلال الترغيب بالإعلانات والترهيب بوسائل أخرى . كما أن من هذه العيوب قيام نظام طبقي قائم على تركيز أدوات الإنتاج في أيدي فئة من الأفراد وعدد أسبابا أخرى للانهيار منها الإسراف وإتلاف الإنتاج للحفاظ على الأسعار والاحتكار واعتماد هذا النظام على دافع الربح .
وفي حديثه في هذه الندوة تناول الدكتور منذر قحف بداية الأزمة منذ أواخر العام 2007 وقال إن من أسبابها تمويل الحروب الخارجية حيث أنفقت أميركا خلال سبع سنوات 5 ترليون دولار وبما أن الأزمة متعلقة بالديون كان لابد من تصحيح وهو الذي بدأ بسوق العقار مما أدى إلى سقوط مؤسسات نصف الجملة للتمويل . ومن الأسباب البنيوية للانهيار التوسع الكبير في المضاربات في الأسواق المالية ونشوء معاملات كثيرة لايقصد منها إلا المضاربات وهي معاملات لاتنتج أية قيمة مضافة ، وانتشار ثقافة الربح السريع بدون ضوابط وفي ظل قصور القوانين والضوابط الإدارية لمنع هذا النوع من المعاملات ، وانتقال الرأس مالية من مرحلة الإنتاج إلى الرأس مالية المالية ، والاعتماد على التمويل وتراكماته وانتشار التورق ونظام بيع الديون .
وقدم المحاضر حلولا للأزمة منها وضع قواعد جديدة تحد من التوسع في الاقتراض وإعادة النظر بنظم أسواق المال والحد من المضاربات والحد من التوريق و، إعادة النظر بالقوانين التي بتداول الديون والمتاجرة بها والربط المباشر بين السوق الحقيقية للسلع والخدمات والسوق الافتراضية وتقديم المعايير الأخلاقية في التمويل على الجانب الكسبي

 

التعليقات مغلقة