نظمت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر ثلاث محاضرات الأسبوع الماضي قدّمها الدكتور موئل السامرائي وتناولت موضوعات فقهيّة واجتماعيّة، بحضور الدكتور عبدالحكيم الخليفي عميد الكلية وجمع من الأساتذة أعضاء هيئة التدريس بالكلية.
وقد تحدّث د. السامرائي في محاضرته الأولى التي كانت بعنوان “الفقه الإسلامي وأصوله: نموذج حماية البيئة في الإسلام” وتتحدث المحاضرة عن الفقه الإسلامي باعتباره تصورا إدراكيا ينطلق من كتاب الله وسنة المصطفى للوصول إلى إجابات واقعية لبعض الأسئلة المهمة حول تطبيق الإسلام في الحياة، ومنها موضوع رعاية البيئة في الإسلام. وبين المحاضر أن منهجية فهم العمل وحقوقه وواجباته في الإسلام هي المرتكز الرئيس لعلم الفقهوأصوله ويمكن استنتاج ذلك من التعريف المشتهر بين الفقهاء والذي يقدمه على أنه معرفة الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بأعمال المكلفين.
ويربط المحاضر بين منهجية العمل الفقهية وموضوع حماية البيئة الطبيعية وأهمية رعايتها كمثال من أمثلة التطبيق المعاصر للفقه الحضاري الذي يسميه بعض الفقهاء بفقه الواقع والتوقع.وهذا فقه تحتاجه أمتنا أكثر من حاجتها إلى الخوض في قضايا لا تسمن ولا تغني من جوع . ثم تحدث المحاضر عن موضوع رعاية البيئة في الإسلام كتطبيق عملي لفقه الإسلام الواقعي الحضاري مبينا أن التصور الإسلامي لوجود الإنسان على الأرض يرتبط بهذه الرعاية بشكل مباشر ينعكس على كيفية تنظيم هذا الوجود على الأرض؛ فهناك علاقة واضحة بين المصطلح القرآني للحفاظ على أسباب الحياة، وأسلوب الحياة ذاتها: «وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين» (القصص: 77) ……..
وأشار إلى أن الأمة الإسلامية في أمسّ الحاجة الآن إلى هذا الفقه أكثر من حاجتها إلى الخوض في قضايا لا تسمن ولا تغني من جوع.
وفي المحاضرة الثانية، التي جاءت بعنوان “تدريس الإسلام وفقه الغرب”، تحدّث د. السامرائي:
إن منهج دراسة الإسلام في أوربا اليوم قد تغير عما كان عليه قبل خمسين عاما حيث كان هدفُه الأول هو معرفةَ حضارة العالم الإسلامي لتحقيق أغراض سياسية أو عسكرية .. أما الآن فإن المعادلة قد اختلفت إلى حد ما؛ حيث إن هدف الدراسة قد أصبح يبحث عن الحقيقة الأكاديمية المجردة. ولا شك ان المؤسسات السياسية أو غيرها تستفيد من البحوث العلمية بطريقتها الخاصة إلا أنها لم تعد المستفيد الوحيد من المعرفة المنتجة بل شاركها فيها كل من يبحث عنها وبالنسبة لفقه الإسلام فإن الشركات ذات المصالح في المنطقة هي من أول المستفيدين من ذلك وفي مقدمة هذه الشركات بنوك المال التي ترى في فهم الإسلام مجالا مهما لتسويق استثماراتها وتليها شركات السيارات والملابس والأزياء والطعام ……
كما أكد د. السامرائي أهمّية دراسة الإسلام باللغة الإنجليزية شريطة ألاّ تكون هي الوسيلة الرئيسيّة لهذه الدراسة بل يجب أن تكون اللغة العربيّة هي الوسيلة الرئيسيّة وتدعمها اللغة الإنجليزيّة لفهم أساليب البحث العلمي والاستفادة من المصادر العلمية المختلفة. وقد نوّه د. السامرائي إلى مخاطر دراسة الإسلام بالإنجليزيّة فقط لأن ذلك سيُؤدّي إلى أن الإسلام يُدرّس لا من معناه العربي الأصيل بل من خلال وجهة نظر دارسين للإسلام قد لا يعرف بعضهم عنه سوى المعاني التي جمّدتها الترجمات وسوى ما توصّلت إليه مناهج العلوم الاجتماعيّة، وهذا غالبًا يُؤدّي إلى مسخ وجه الإسلام وتشويه حقيقته.
وكان موضوع الفقه وأصوله هو محور المحاضرة الثالثة التي قدّمها د. السامرائي، حيث تحدّث فيها عن المناهج المتبعة في البحوث العلمية في الدول الغربية وبيّن مدى أهمية نشر هذه البحوث في نشر التوعية. ثم قدّم منهجًا للترجمة خاصًّا بترجمة المصطلحات من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية.