تواكب البنية التحتية لجامعة قطر أحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا في مجال التعليم الإلكتروني، خاصة وانها تعتمد اعتماداً كبيراً في التدريس على الأنظمة الإلكترونية في منظومتها التعليمية ومؤخراً انتهجت الجامعة “إبتداءاً من هذا الفصل الدراسي” تجربة التدريس الإلكتروني “الجزئي” – عن بعد لمجموعة واحدة فقط ضمن مقرر الثقافة الإسلامية والذي يطرح كمتطلب عام يدرس لجميع طلاب الجامعة والذي تطرحه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية حيث يطلب من الطلبة المسجلين في هذه المجموعة دراسة أجزاء من المقرر عن بعد بينما يقومون بحضور جزء من المحاضرات، وهذه التجربة مازالت مقتصرة على ربط بين فكرة الدراسة عن بعد والتواجد على كراسي المحاضرات، كما أن هذا النوع من البرامج لا يلغي دور إستاذ المادة ولكنه مكون يضاف الى العملية التعليمية، ويتم حالياً تقييم هذه التجربة من جميع النواحي لمعرفة إمكانية ومدى تعميم التجربة لعدد أكبر من المجموعات أو إدخال مقررات أخرى تدرس بنفس الطريقة في المستقبل.
تحديات نظام التعليم
وقال د. عبدالحكيم الخليفي عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية انه في ظل التغيرات التكنولوجية السريعة والتحولات في أوضاع التعليم الجامعي، فإن النظام التعليمي يواجه تحدياً بخصوص الحاجة إلى توفير فرص تعليمية إضافية، لذلك فإن العديد من المؤسسات التعليمية قد بدأت تواجه هذا التحدي ومنها جامعة قطر، وذلك من خلال تطوير برامج التعليم عن بعد، حيث إعتزمت الجامعة دخول هذا الحقل بطرح مجموعة واحدة فقط لمقرر الثقافة الاسلامية بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية والذي يطرح كمتطلب عام لكل الطلبة من مختلف التخصصات.
د.الخليفي: نهدف إلى توفير فرص تعليمية إضافية عن طريق التقنية وستتوسع التجربة في حال نجاحها
وبناءاً على هذه التجربة التي تم تطويرها بمبادرة من د. مازن حسنه نائب رئيس الجامعة للشؤون الاكاديمية، سيتم تقييم مخرجات العملية التعليمية، وأطراف العملية التعليمية من عضو هيئة تدريس وطالبات، ومن ثم البدء بطرح مزيد من المجموعات لهذا المقرر، ومستقبلاً مزيد من المقررات التي تدرس عن بعد ولكن بطريقة مهجنة، حيث يتوجب على الطالب حضور عدد من المحاضرات بالجامعة.
وأضاف د. الخليفي أن توفير الحاجات التعليمية للطلبة هو حجر الأساس لجميع البرامج الفعّالة للتعليم عن بعد، وهو المقياس الذي يتم على أساسه تقييم كل جهد يُبذل في هذا الحقل، خاصة أن المهمة الأساسية للطلاب هي التعلم، وهي مهمة شاقة حتى في أحسن الظروف، حيث تتطلب الحماس والتخطيط والقدرة على تحليل وتطبيق المضمون التعليمي المراد تعليمه.
د. بسيوني نحيلة: التجربة داعما إضافيا في العملية التعليمية ولا تلغي دور الأستاذ
وأشار الخليفي إلى أن نجاح أي جهود للتعليم عن بعد تقع على كاهل الهيئة التدريسية، ففي نظام التعليم التقليدي لغرفة الصف تشمل مسؤولية المدرس تنظيم محتويات الحلقة الدراسية وفهم أفضل حاجات الطلاب، ويتوجب على المدرسين عن بعد أن يُعدّو أنفسهم لمواجهة تحديات خاصة، ومن هنا فعلى المدرس أن يطوّر فهماً عملياً حول صفات وإحتياجات الطلاب المتعلمين عن بعد في ظل غياب الإتصال المباشر وجهاً لوجه.
ومن جانبه تحدث الدكتور بسيوني نحيلة عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية والاستاذ المشرف على هذه التجربة الأولى لتدريس مقرر الثقافة الاسلامية عن بعد عن هذه التجربة حيث قال : ان تجربة التدريس عن بعد (أون لاين) لمقرر الثقافة الإسلامية تأتي كتوجه للجامعة، قامت به كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، متمثلة في قسم الدعوة والثقافة الإسلامية، فتم إعداد تصور واضح عن عملية التدريس، وتحديد العينة المستهدفة، والإستراتيجيات المتبعة في عملية التعليم، ووسائل ومعايير التقييم.

وقال د. بسيوني ولتطبيق هذه التجربة قمنا بدراسة بعض التجارب والخبرات التي تقوم بها بعض الجامعات بهذا الصدد، كما قمنا بدورنا بإضافة واستحداث أمورا جديدة قد تكون إضافة لوسيلة التعليم عن بعد. فقد جمعنا بين التدريس الفعلي في قاعات المحاضرات وبين التدريس عن بعد، حيث بدأنا بطرح هذه المجموعة لتكون نسبة التدريس عن بعد 70% و30% بالحضور المباشر، بهدف التأهيل وطمأنة الطلاب وأيضا من أجل المتابعة القريبة المستمرة، وبدأنا البحث على صعيد أخر لتحديد البرامج والوسائل التي يمكننا الاستعانة بها، حيث استفدنا من خدمة الفيديو المباشر ونظام الويبكس، حيث نستطيع من خلاله استعراض كل المحاضرات، مع التفاعل بين الأستاذ والطلاب، ومن خلال هذه البرامج نستطيع حصر المشاركات والتأكد من التفاعل ثم يتم بعد ذلك رفع المحاضرة على نظام البلاك بورد، مما يتيح فرصة العودة للمحاضرات المسجلة في أي وقت ومن أي مكان، ويتعين على كل طالبة كتابة تقرير شهري حول ما استفادته خلال الشهر من معارف وسلوكيات ومهارات أو تحديات ربما تكون واجهتها، ومن هنا تتم عملية التقييم والمعالجة الفورية والمستمرة في حينها.

الابتكار والتجديد
وأضاف الدكتور بسيوني : لا تقل استفادة الأستاذ القائم على عملية التدريس عن الطلاب، إذ أن الابتكار والتجديد في وسائل العملية التعليمة من أهم الأمور التي تبعث على الحيوية والنشاط، وتدفع إلى مزيد من التطوير والإبداع في الأداء الأكاديمي، وهذا ما تحقق بالفعل عند عملية التنفيذ والممارسة، فمع عظم المسئولية وثقل المهمة، تواردت الأفكار والاستراتيجيات الجديدة والمبتكرة لتفعيل هذه التجربة في شكل غير تقليدي، بل يعتبر إضافة جديدة لما يتبع في هذا المجال.
طالبات: الفكرة ناجحة وبدأنا التعود على هذا النمط الجديد من الدراسة
وبدورها قالت الطالبة هيا الكواري( تخصص محاسبة ) عن تجربتها في دراسة هذا المقرر: لا انكر تخوفي في بداية الامر عن خوض هذه التجربة الجديدة حيث فكرت مرارا في الانسحاب من هذه المجموعة التي تدرس المقرر عن بعد، ولكن مع مرور الوقت وجدت أن الفكرة ناجحة جدا، وبدأت في التعود على هذا النمط الجديد من الدراسة، واجد ان هذه التجربة ستحل مشكلة زحام المحاضرات المتوالية، ولقد سجلت في هذا الفصل 4 مقررات دراسية وسعدت بتسجيل الثقافة الاسلامية كمقرر يدرس عن بعد، حيث أزاح جزءا كبيرا من العناء في حضور المحاضرات، وبكل تأكيد سأقوم بتكرار هذه التجربة حال طرح مزيد من المقررات التي تدرس عن بعد.
من جانبها تحدثت زميلتها الطالبة صالحة المهندي (كلية الادارة والاقتصاد) عن تجربتها في هذا المقرر حيث قالت ان المقرر الذي يدرس عن بعد يمتاز بقدره الطالب على تسجيل مواد اكثر في الفصل الدراسي، حيث يستطيع ان يدير وقته ما بين المحاضرات التي تتطلب الحضور، وتلك التي يتطلب الحضور الافتراضي بها(عن بعد)، واجد انني استطيع ان اقيم تجربتي في هذا المقرر واصفها بالناجحة، خاصة وان نظام تقسيم الدرجات عادل ومبني على التفاعل الفعلي للطالب، واود ان اكرر هذه التجربة في مقررات دراسية اخرى مماثلة.