نظمت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالتعاون مع صندوق الزكاة، فعالية توعوية بفريضة الزكاة، وذلك في حرم جامعة قطر. البرنامج التوعوي بفريضة الزكاة، جاء بمبادرة من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وبالتنسيق مع مركز البحوث والدراسات بصندوق الزكاة، ويتضمن البرنامج العديد من الفعاليات والفقرات. وقد شهد اليوم الأول إلقاء ندوة عن فريضة الزكاة ألقاها د.محمد عثمان شبير عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، حيث تناول فيها الجوانب الشرعية والفقهية الخاصة بفريضة الزكاة ، وقد حضر الفعالية عدد طلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة .
وقال د. محمد شبير إن الزكاة في اللغة هي مشتقة من زكا يزكو، بمعنى نما وزاد وطهر، وهي تعنى النماء والزيادة والطهارة، وسميت الزكاة بذلك؛ لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه، وتنميه،‏ وتقيه من الآفات، كما قال ابن تيمية‏:‏ ” نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو‏، يَطْهُر ويزيد في المعنى‏“، أما الزكاة في الاصطلاح هي: ” الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الأغنياء“ وبعبارة أخرى:”هي حصة مقدرة من المال، فرضها الله تعالى للمستحقين الذين سماهم في القرآن الكريم.“ ‏ وتسمى الزكاة في القرآن والسنة:”صدقة“ كما في قوله تعالى:‏“ ‏خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ” وقال النبي الكريم: لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن‏:‏ ‏“‏ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم“(رواه البخاري) سميت بذلك لأنها دليل على صدق الإيمان .
وقال اما الحكمة من مشروعيتها فللزكاة فوائد دينية وخلقية واجتماعية فعن فوائدها الدينية فهي سبب لحصول الأجر العظيم، ووراثة الفردوس الأعلى. ففي عظم الأجر قال النبي الكريم:” من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يأخذها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فَلُوَّهُ حتى تكون مثل الجبل.” وفي الفردوس قال تعالى: ”والذين هم للزكاة فاعلون‏ .. أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس، هم فيها خالدون“، وهي سبب لنيل رحمة الله‏”‏ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة‏“ ، وهي شرط لاستحقاق نصر الله‏, ”ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز‏, الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة‏“، وهي سبب لتكفير الذنوب والخطايا :” والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار“ ، وأداؤها شرط لتحقق أخوة الدين‏.”‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين‏“، وأداؤها قيام بعبادة تعمل على صدق الإيمان وزيادته، وتحقق له السعادة في الدنيا والآخرة.
وأضاف أما عن فوائدها الخلقية فإنها تُلحق المزكي بركب الكرماء ذوي السماحة والسخاء، وهي تستوجب اتصاف المزكي بالرحمة والعطف على إخوانه المعدمين، ”والراحمون يرحمهم الله “ ، وهي تستوجب القبول والمحبة للمزكي لدى الناس، فالبذل المالي للمسلمين يشرح الصدر، ويبسط النفس، ويوجب أن يكون الإنسان محبوباً بحسب ما يبذل من النفع لإخوانه، وهي تعمل على تطهير الأخلاق لباذليها من : البخل، والشح. ”خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها “ أما عن فوائدها الاجتماعية فهي فيها دفع لحاجة الفقراء الذين يشكلون السواد الأعظم في المجتمع، وهي بذلك من أعلى درجات التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وفيها تقوية للمسلمين ورفعاً من شأنهم، ولذلك كان الجهادُ أحد مصارفها ، وهي تعمل على تطهير النفوس من الأحقاد والضغائن التي تكمن في صدور الفقراء، فإنهم إذا رأوا الأغنياء تمتعون بالأموال، وهم محرومون منها، حملوا عداوة وحقداً على الأغنياء، فإذا صرفت لهم الزكاة زالت هذه الأمور، وحصل الوئام والمودة، وهي صفة من صفات المجتمع المؤمن‏ ‏“ ‏والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض: يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله؛ أولئك سيرحمهم الله. إن الله عزيز حكيم “ ‏‏فهذه الفوائد تدل على أن الزكاة أمر ضروري لإصلاح الفرد والمجتمع.
وقال د.شبير إن وعاء الزكاة تجب في أموال مخصوصة منصوص عليها وهي الأنعام:الإبل، والبقر، والغنم، والجواميس، وأوجبها بعض الفقهاء في الخيول والخارج من الأرض: كالحبوب والثمار والزروع، والذهب والفضة، سواء أكانا نقوداً أم تبراً، و المعادن والكنوز، والثروات البحرية،و أموال التجارة، وهي كل ما أٌعد للتجارة من عقارات وسيارات وأقمشة وغيرها، فيقومها في نهاية الحول بقيمتها ويخرج ربع العشر، سواء أكانت القيمة أقل مما اشتراها به، أم أكثر،أم مساوية.ولكن ولا تجب الزكاة في أدوات الإنتاج مثل المباني ،والآلات والسيارات والمعدات التي لا تتحرك بالبيع والشراء، ولم يقف الوجوب عند هذه الأموال، وإنما وجبت في الأموال المعاصرة .
وتحدث شبير عن زكاة الأموال المعاصرة: الأسهم والسندات والمستغلات حيث تحدث أولاً عن زكاة الأسهم
وقال إن الأسهم جمع سهم وهو في اللغة: النصيب، وهو في الاصطلاح: جزء من رأس مال الشركة المساهمة، قابل للتداول في السوق المالي بالبيع والهبة وغير ذلك من الطرق التجارية، ويعد مالكه شريكاً في الشركة، ويستطيع التصرف فيه لمن شاء، ويشارك في أرباح الشركة وموجوداتها، و للسهم قيم متعددة منها: قيمة الإصدار: وهي التي تتحدد عند إصدار السهم لأول مرة، واسمية: وهي القيمة التي تبين في الصك، و قيمة حقيقية: وهي تمثل صافي أموال الشركة بعد حسم ديونها، وسوقية: وهي تتحدد على أساس العرض والطلب في السوق المالي .
وأضاف أن معرفة زكاة الأسهم تتوقف على أمرين: ما يحل ويحرم منها، وكيفيتها الأمر الأول: ما يحل ويحرم من الأسهم،وهي على ثلاثة أنواع: أسهم حلال وهي التي تصدر عن شركات ذات أغراض مشروعة، وتجتنب الربا في معاملاتها. مثل: مواد تموينية، وأسهم حرام: وهي التي تصدر عن شركات ذات أغراض غير مشروعة، مثل: البنوك الربوية، والملاهي، وصناعة الخمور، والتأمين التجاري، أما النوع الثالث فهي الأسهم المختلطة وهي التي تصدر عن شركات ذات أغراض مشروعة، ولكنها لا تجتنب الربا في معاملاتها، فتودع أموالها في البنوك بفائدة ربوية، وإذا احتاجت اقترضت بفائدة ربوية. وهذه الأسهم محل اختلاف بين العلماء المعاصرين: الرأي الأول: يجوز التعامل بها مطلقاً، ويُستبعد العنصر الحرام: (التطهير) وقدر الحرام بنسبة: (15%) من الأرباح، فإذا زادت النسبة عن ذلك لم يجز التعامل بها، الرأي الثاني: يحرم التعامل بها مطلقاً، فلا يجوز امتلاك أسهمها بحال من الأحوال؛ لأن الربا دخلها، وما دخله الربا فاسد، أما الرأي الثالث: الأصل عدم جواز التعامل بها، لكن يستثنى منها: ما إذا كانت الشركة حيوية لا يستغنى عنها المجتمع مثل: الكهرباء، والدواء، والمواصلات، ويُستبعد العنصر الحرام.

التعليقات مغلقة